أمس..شاهدت حلقة برنامج ( باب الخلق ) الذي يقدمه الأستاذ محمود سعد على شاشة قناة النهار، ضيف الحلقة كان أحمد رحمة مدرس مساعد في كلية الإعلام جامعة القاهرة، أحمد فقد بصره وهو طفل، وواصل دراسته بمساعدة والدته بعد وفاة والده.
حكاية أحمد قد تبدو عادية، طفل فقد بصره وواصل تعليمه حتى تحقق حلمه.لكن الحكاية لم تكن بهذه السهولة، المحن في الحكاية كثيرة، لكنها تحولت إلى منح، هكذا حولها أحمد ووالدته التي لم تكمل دراستها الإبتدائية.
والد أحمد كان مدرساً للغة العربية، وفقد بصرة نتيجة حادث، وواصل حياته، فكانت محنته منحة لإبنه الذي فقد بصره هو الآخر نتيجة حادث، حيث علمه طريقة برايل ليتمكن من مواصلة الدراسة.
إلتحق أحمد بكلية الإعلام، الحلم الذي راوده منذ الطفولة، بعدها تعرض لحادث سير هو ووالدته، فالتزم الفراش ستة أشهر، وتحاملت الأم على نفسها، فحضرت المحاضرات نيابة عنه، تسجل ما يقوله الأساتذة، وتصور ما يكتبه الطلاب من ملاحظات، تخرج أحمد وحقق حلم التعيين في الكلية، متخطياً معوقات الروتين وتعامل البعض معه على أنه غير لائق طبياً رغم أنه الاول على دفعته، تماماً مثلما حرمه البعض من السفر في رحلة تستمر عشرة أيام إلى إحدى الدول الأوربية مع أوائل الثانوية العامة، وكان الأول على الجمهورية.
والدة أحمد لم تفارقه، كانت تسافر معه يومياً من إحدى قرى محافظة الشرقية إلى القاهرة لحضور المحاضرات، ثم تعود لتعمل في عيادة طبيب عيون حتى منتصف الليل.
تزوج أحمد وكان لزواجه حكاية، وحصل على الماجستير وكان لإنضمامه إلى هيئة التدريس حكاية أخرى.
أما محمود سعد بطريقته في الحوار فقد أضاف لحكاية أحمد حكايات.
وأما أنا..فجلست أتابع الحوار وقد إنتابني إحساس بالعجز للأسباب الآتية :
- أحمد رحمة يسافر من ضواحي الشرقية إلى القاهرة ليستهلك من وقته ست ساعات يومياً، لأنه لا يجد شقة صغيرة في القاهرة، وإن وجدها لن يجد ثمنها، وإن سكن فيها بالإيجار.. فلن يكفي ما يحصل عليه من الكلية لبند الإيجار فقط.
- عندما سأله محمود سعد..لماذا لا تعمل مذيعاً في الإذاعة أو التليفزيون؟ فكان مضمون الرد..لا توجد فرصة.
أتمنى أن تمد الدولة يد العون لهذا الملهم المكافح المتفوق، وتوفر له ولأسرته شقة في القاهرة، وتساعده، او يساعده أحد رجال الأعمال في الحصول على جهاز تحدث عنه في الحوار ليتمكن من التدريس للطلاب بالشكل الذي يتمناه.
كما أتمنى أن يحصل أحمد على فرصة في قناة أو محطة إذاعية ليقدم برنامجاً، ويقيني أنه قادر على ذلك، حتى لو اكتفى بالحديث عن تجربته الملهمة، فالعجزة وأنصاف المذيعين يرتعون في الشاشات ليل نهار.
مثل هذه النماذج تحتاج دعماً من الدولة أو من رجال الأعمال.
خاصة أن سوزي الأردنية حصلت على مكافأة مليون جنيه من إحدى الشركات هدية حصولها على ٥٠٪ في الثانوية العامة.