امتداداً للأطروحات الخاصة بمشروع قانون الإيجار القديم.
فإذا كان المقصود من التعديل إخلاء الوحدات السكنية المغلقة أو المتروكة فلا مانع من ذلك وهو عين العداله.
أما من أجر لغيره وهو عالم بأحكام القانون الذي يحكم تصرفه ، بل وهناك من تقاضى خلواً وهو مبلغ غير قانوني ، قد يعادل ما أنفقه في البناء والتشطيب البسيط ، حيث لم يكن القانون يسمح إلا بمقدم يُحسب من الإيجار وبقيمة عدة شهور من الأجرة الشهرية ، وهناك أيضاً من المستأجرين من تولوا التشطيب بأنفسهم مع دفع مبلغ مقطوع غير محسوب من الإيجار ( مبلغ رايح ) ، وأتذكر امتلاء رول دوائر جنح المحاكم المختصة بعدد هائل من المتهمين بتقاضي ( الخلوات ) .
وكل ما سبق يتطلب إعمال أقصى درجات الترَوّي والوصول إلى التوازن في التنظيم ، لاسيما وأن من يقول إن الوقت ضيق مردود عليه بأن الدورة البرلمانية لمجلس النواب هي تسعة أشهر ( على الأقل ) ولا تنفض إلا بعد إقرار الموازنة العامة ، فضلاً عن أن المحكمة الدستورية العليا ذاتها قد سبق وأن حسمت بالفعل مسألة امتداد العقد امتداداً قانونياً لجيل واحد ، أي أن هذه المسألة ( محلوله ) ولا تحتاج إلى التصدي لها تشريعياً.
أما عن من يقول إن الإيجار القديم مخالف للشريعة فمردود عليه من عدة أوجه منها :
أولاً : أنه وإن كان هذا العقد لا يخضع شكلاً لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين ، إلا أنه يمكن القول أنه يخضع له حقيقةً وواقعاً ، وذلك حيث أنه إذا كان المالك قد أقدم على الإيجار مرتضياً الدخول في هذه العلاقة القانونية ، ومرتضياً كذلك بأحكام القانون الذي يحكمها آنذاك ، وهو ما أرتضاه المستأجر أيضاً ، فإن ذلك ما يدخل في مبدأ سلطان الإرادة الذي يقضي بعدم الإجبار على الدخول في أية علاقة من الأساس ، وبالتالي فله حرية اختيار نوع العلاقة القانونية ومن ثم القواعد التي تحكم هذه العلاقة التي اختار أن يدخل فيها ، وهو ما يتوافر بالتأكيد في الحالة الماثلة ، حيث كان من بين اختيارات المالك أن يطرح الوحدة للبيع وليس للإيجار ، ولكنه ارتضى الإيجار لأنه كان يمثل بالنسبة استثماراً طويل الأجل ، وكل ما تناوله الحكم بعدم الدستورية في هذا الشأن هو عدم عدالة ثبات القيمة الإيجارية في ظل هذه المدة الطويلة.
ثانياً: أن الإقدام على تأجير الملك وفقاً لتصنيف أحكام الشريعة لأقسام الأفعال فإنه ليس فرضاً ولا حراماً ولا مندوباً ولا مكروهاً ، بل ما يمكن أن يوصف به الإقدام على التأجير هو أن يكون تصرفاً مُباحاً من المُباحات ، التي لا يؤجر فاعلها ولا يأثم تاركها ، ومن المقرر شرعاً عند بعض الفقهاء الراسخين ( وليسوا دعاةً ولا مُحدثين ) أنه يجوز لولي الأمر أن يقيد أو ينظم المُباحات ، وأنه إذا قيَّد ولي الأمر المُباح أو نظمه ( القانون آنذاك ) فإنه يجب الالتزام بهذا التنظيم ، وعلى ذلك إذا كان هناك من قال بالحرمة فهو رأي له ، وهنالك مقابله رأي أو آراء بالحل والإباحة.
كل ما أتمناه أنه هو التحلي بأكبر قدر ممكن من الموضوعية ، والحرص على توازن هذه العلاقة الإيجارية ، بحيث لا يخرج من المجلس الموقر ما قد يؤدي إلى الميل إلى كفة أحد طرفي العلاقة دون الآخر ، لأن في ذلك ما قد يهدد السلم الاجتماعي ، لا سيما مع ماقررته المحكمة الدستورية العليا في أحكامها ، من مشروعية ودستورية الامتداد القانوني لجيل واحد ، ومن بعده وفي الحكم الأحدث قررت فقط وجوب تغيير القيمة الإيجارية بما يتناسب مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية.
ملحوظة : لست مستأجراً لإيجار قديم ، ولكنها أمانة عرض ما أراه صواباً عندي ، ويحتمل بالطبع أن يكون خطئاً عند غيري.
